الجيش الباكستاني: مقتل 19 جندياً و45 من «طالبان» في اشتباكات حدودية
قال الجيش الباكستاني السبت إن قوات الأمن شنت مداهمات على ثلاثة أوكار لحركة «طالبان» الباكستانية قرب الحدود الأفغانية خلال اليومين الماضيين، مما أدى إلى اندلاع اشتباكات عنيفة أسفرت عن مقتل 19 جندياً و45 مسلحاً.
ويبرز عدد القتلى حجم التحديات التي تواجهها باكستان في سعيها للحد من عودة نشاط الجماعات المسلحة. وأوضح الجيش أن 22 مسلحاً قتلوا في أول مداهمة بمنطقة باجور في إقليم خيبر بختونخوا شمال غربي البلاد.
وأضاف أن 13 مسلحاً آخرين قتلوا في عملية منفصلة بمنطقة جنوب وزيرستان، مشيراً إلى أن 12 جندياً «قاتلوا بشجاعة وقدموا أرواحهم في تلك العملية».
وفي بيان منفصل، ذكر الجيش أن عملية استخبارية ثالثة نفذت الخميس في منطقة لور دير، وأسفرت عن اشتباكات عنيفة قتل فيها سبعة جنود و10 من مقاتلي «طالبان» الباكستانية. وقال الجيش إن المسلحين يستخدمون الأراضي الأفغانية لشن هجمات داخل باكستان، مطالباً حكومة «طالبان» في كابل «بتحمل مسؤولياتها ومنع استخدام أراضيها في أنشطة إرهابية ضد باكستان».
وذكر الجيش الباكستاني في بيان أن 12 جندياً و13 مسلحاً قتلوا «بعد تبادل كثيف لإطلاق النار». وقال مسؤولون أمنيون إن أربعة أشخاص على الأقل أصيبوا.
وأعلنت حركة «طالبان» الباكستانية، وهي جماعة متشددة تقول إسلام آباد إنها متمركزة في أفغانستان، المسؤولية عن الهجوم، قائلة إنها استولت أيضاً على أسلحة وطائرات مسيَّرة من الجنود. وقال سكان إنهم شاهدوا طائرات هليكوبتر تنقل المصابين إلى المستشفى وتبحث عن المهاجمين. وذكر الجيش في بيان منفصل أن سبعة جنود وعشرة مسلحين قتلوا في تبادل لإطلاق النار بمنطقة دير السفلى بعد أن اكتشفت القوات مخبأ للمسلحين.
وتقول إسلام آباد إن إدارة حركة «طالبان الأفغانية» تؤوي «طالبان الباكستانية» بدعم من الهند، وهو ما يمثل مصدر توتر مع كابل ونيودلهي، اللتين تنفيان هذه التهمة. وتستلهم الجماعة الباكستانية نهجها من «طالبان الأفغانية».
وصعدت الجماعة الباكستانية هجماتها على قوات الأمن في باكستان منذ وصول حركة «طالبان الأفغانية» إلى السلطة في عام 2021.
وقال الجيش الباكستاني: «تتوقع باكستان من الحكومة الأفغانية المؤقتة أن تفي بمسؤولياتها وتمنع استخدام أراضيها لشن أنشطة إرهابية على باكستان».
في غضون ذلك، رفعت إسلام آباد نبرتها تجاه كال السبت وهددت بطرد المزيد من الأفغان بعد مقتل 12 جندياً باكستانياً في كمين نصبه عناصر من حركة «طالبان باكستان» في شمال غربي البلاد على الحدود مع أفغانستان.
وقال مسؤول محلي: «قرابة الساعة 4:00 صباحاً، أطلق مهاجمون متمركزون على جانبي الطريق النار بالأسلحة الثقيلة على قافلة للجيش وحرس الحدود وقُتل 12 من عناصر القوى الأمنية»، بينما أكد مسؤول أمني في المنطقة الحصيلة، مشيراً إلى أن المهاجمين وضعوا أيديهم على أسلحة الموكب.
أحد أكثر الهجمات دموية
وتبنّت حركة «طالبان» الباكستانية «هجوماً شديد التعقيد» سمح بـ«وضع اليد على عشرة أسلحة رشاشة ومسيَّرة».
من جهته، أقر الجيش الباكستاني بمقتل 12 جندياً في صفوفه، لكنه يؤكّد كذلك أنه قتل «13 إرهابياً» و22 آخرين الأربعاء، وهي حصيلة لم يتسن التحقق منها من مصدر مستقل.
وهذا أحد أكثر الهجمات دموية منذ أشهر في إقليم خيبر بختونخوا حيث تكثّف حركة «طالبان» الباكستانية التي تتمركز في المناطق القبلية الجبلية على الحدود بين باكستان وأفغانستان، هجماتها على قوات الأمن والاعتداءات ضد المدنيين.
ومنذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم في كابل في صيف عام 2021، زادت وتيرة أعمال العنف المنسوبة للجماعة الباكستانية في غرب البلاد.
وتتّهم إسلام آباد جارتها بعدم طرد المتمرّدين الذين يستخدمون أراضيها لشنّ هجمات على باكستان، وهو ما تنفيه أفغانستان.
اتهام أفغانستان
وقال الجيش الباكستاني السبت إن «المعلومات تؤكد بشكل قاطع تورط مواطنين أفغان في الهجمات»، داعياً كابل إلى «منع استخدام أراضيها لنشاطات إرهابية معادية لباكستان».
وزار رئيس الوزراء شهباز شريف برفقة قائد الجيش عاصم منير خيبر بختونخوا لحضور جنازات الجنود الذين قتلوا.
واعتبر شريف أنه «من المهم جداً طرد الأفغان غير النظاميين في أسرع وقت ممكن»، وفق ما نقلت عنه وسائل إعلام محلية، في حين أجبرت إسلام آباد أكثر من مليون أفغاني على المغادرة وألغت تصاريح إقامتهم وحتى بطاقات اللاجئين التي أصدرتها لهم الأمم المتحدة.
ومنذ أسابيع، أفاد سكان مناطق عدة في ولاية خيبر بختونخوا عن ظهور شعارات لحركة «طالبان» مجدداً على الجدران.
وأعربوا عن خشيتهم من العودة إلى سنوات العنف المتطرّف التي دمّرت غرب باكستان بعدما أصبحت إسلام آباد حليفاً رئيسياً للولايات المتحدة في «حربها على الإرهاب» عقب هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001.
وقبل أيام، قضى حارسا حدود باكستانيان في تبادل لإطلاق النار مع عناصر من الحركة في الولاية نفسها.
وقال مسؤول محلي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» حينها، إن «عدد عناصر وهجمات حركة (طالبان) الباكستانية زاد في الشهرين الماضيين» في مناطق عدة من ولاية خيبر بختونخوا.
وفي يوليو (تموز)، أعلن الجيش الباكستاني أنه قتل 30 مسلّحاً حاولوا عبور الحدود من أفغانستان، بعد مقتل 16 جندياً في هجوم انتحاري في المنطقة الحدودية عينها.
وينتمي المسلحون إلى حركة «طالبان» الباكستانية أو جماعات تابعة لها على ما قال الجيش، متهماً الهند، الخصم اللدود لباكستان، بدعم المسلّحين.
وتتبادل الهند وباكستان اللتان تملكان السلاح النووي، الاتهامات بدعم جماعات مسلحة تنشط على أراضي البلدين.
ومنذ الأول من يناير (كانون الثاني)، قُتل نحو 460 شخصاً، معظمهم من عناصر قوات الأمن، في أعمال عنف نفذتها جماعات مسلّحة تقاتل الدولة، في ولاية خيبر بختونخوا وفي بلوشستان المجاورة، وفقاً لإحصاء أجرته «وكالة الصحافة الفرنسية». وشهدت باكستان في عام 2024 السنة الأعنف منذ نحو عقد، مع مقتل أكثر من 1600 شخص في أعمال العنف.