في عالم يسوده الإيقاع السريع والمهام المتراكمة، تصبح لحظة استرخاء مع كوب دافئ من مشروبك المفضل فرصة نادرة لاستعادة التوازن وسط ضغوط الحياة.
سواء كنت من محبي الشاي أو القهوة، فإن ذلك المشروب الساخن قد يمنحك شعورا بالراحة ويخفف عنك التوتر خلال يومك الطويل. ولكن ماذا لو انشغلت للحظات، ووجدت مشروبك قد برد قبل أن تستمتع به؟
قد تلجأ حينها إلى إعادة تسخينه باستخدام الموقد أو الميكروويف، معتقدا أنك ستحصل على نفس النكهة والتأثير، غير أن إعادة تسخين القهوة أو الشاي قد تحمل مخاطر غير متوقعة، رغم شيوع هذه العادة بين كثيرين.
مخاطر إعادة تسخين الشاي
قد تؤدي إعادة تسخين الشاي والقهوة إلى آثار جانبية غير مرغوبة، تتجاوز مجرد تغير النكهة وفقدان المذاق الأصلي. فمن ناحية، يمكن أن تتسبب عملية التسخين المتكرر في تقليل محتوى المشروب من مضادات الأكسدة المفيدة، مما يقلل من فوائده الصحية. ومن ناحية أخرى، قد تساهم في تعزيز نمو البكتيريا، خاصة إذا تُرك المشروب لفترة طويلة قبل إعادة تسخينه، مما قد يشكل خطرا على الصحة العامة والجهاز الهضمي.
ومن أبرز تأثيرات إعادة تسخين الشاي والقهوة ما يلي:
1- التأثير على المذاق
من المخاوف الرئيسية عند إعادة تسخين الشاي أو القهوة هي التأثير السلبي على النكهة، إذ تتميز هذه المشروبات الطازجة بتوازن دقيق من المركبات التي تتغير عند إعادة تسخينها، مما يؤدي إلى تشوه مذاقها.
عند تسخين الشاي مجددا، سواء على الموقد أو في الميكروويف، يمكن أن تتغير تركيبته الكيميائية، مما يؤدي إلى زيادة تركيز مادة “التانين”، وهو المركب المسؤول عن نكهته المميزة ومرارته المحببة.
أما القهوة، فهي تحتوي على أحماض طبيعية مثل حمض الكلوروجينيك، وحمض الكينيك، وحمض الكافيين، التي تمنحها مذاقها المر. وفي أثناء عملية التخمير الأصلية (Brewing)، تتحرر هذه الأحماض بكمية محسوبة، مما يمنح القهوة نكهتها المتوازنة. لكن عند إعادة تسخينها في الميكروويف، تحدث “إعادة تخمير غير مقصودة”، مما يؤدي إلى إطلاق مزيد من المركبات المريرة، مما يُفسد طعم المشروب.
نتيجة لهذه التغيرات الكيميائية، يصبح الشاي أكثر مرارة، بينما تفقد القهوة نكهتها الغنية وتتحول إلى مشروب باهت بطعم مرّ غير متوازن. كما أن الزيوت والمركبات الطبيعية التي تمنح الشاي والقهوة نكهتهما العطرية قد تتحلل أو تتبخر، مما يجعل المشروب أقل كثافة، وأضعف مذاقا، وأقل متعة عند تناوله.
2- أضرار صحية للجسم
بخلاف النكهة، يمكن أن تؤثر إعادة تسخين الشاي والقهوة أيضا على قيمتهما الغذائية. فالشاي الطازج والقهوة الغنية المُعدة طازجا عادة ما تكون غنية بمضادات الأكسدة التي تُعد مفيدة للصحة.
ومع ذلك، يمكن خسارة تلك المضادات وفوائدها عند تعرضها للحرارة العالية لفترة طويلة. وبالتالي عند إعادة تسخين الشاي والقهوة، خاصة في الميكروويف، فإنك تعرضهما للتسخين غير المتساو، مما قد يؤدي إلى تحلل وتفكك هذه المركبات. ونتيجة لذلك، قد تقل الفوائد الصحية المرتبطة باحتساء تلك المشروبات بشكل كبير.
3- مخاطر نمو البكتيريا
هناك مشكلة أخرى تجب مراعاتها عند إعادة تسخين المشروبات، وهي إمكانية نمو البكتيريا. فبمجرد نقع وتحضير الشاي أو القهوة وتركها في درجة حرارة الغرفة، يصبح الكوب مساحة خصبة لبكتيريا الطعام.
وعند إعادة التسخين، ربما لا تؤدي الحرارة إلى قتل جميع البكتيريا بشكل فعال، خاصة إذا لم يتم تخزين المشروب بشكل صحيح في المقام الأول، أو كان مكشوفا فوق أسطح ملوثة.
4- التهديد بمخاطر نقص الحديد
قد يكون إعادة تسخين الشاي تحديدا أحد أسباب نقص الحديد لديك، فبحسب خبراء التغذية، يمكن للتانين -وهو مركب يعطي الشاي لونه ونكهته المميزة- أن يتركز بمعدلات عالية عند إعادة تسخين الشاي.
هذا التركيز العالي في كوب واحد من الشاي قد يكون ضارا بالجسم، حيث يؤثر التانين على امتصاص العناصر الغذائية من الأطعمة الأخرى التي تستهلكها خلال اليوم، مما قد يقلل من امتصاص الحديد بنحو 30-40%.
5- الحموضة ومشاكل المعدة
ليس هذا فحسب، بل يمكن أن يؤدي إعادة تسخين الشاي والقهوة أيضا إلى الحموضة والمشاكل المرتبطة بالمعدة، خاصة إذا تم إضافة الحليب لتلك المشروبات.
إذ يمكن أن يؤدي هذا المشروب عالي الحموضة إلى حرقة المعدة، وارتجاع الحمض، وإحساس حرقة في المعدة.
![كيف يؤثر الكافيين في القهوة والشاي على الإنسولين وسكر الدم؟](https://thearabonline.com/wp-content/uploads/2025/02/shutterstock_1430096537-1708340372.jpg)
الحل المثالي للمشكلة المتكررة
وفقا للخبراء، فإن إعادة تسخين المشروبات الغنية بالكافيين -مثل الشاي والقهوة- عادة ما سيكون لها التأثير نفسه سواء تم إعادة تسخينها في الميكروويف أو على الموقد، وبالتالي فكلا الخيارين ليس بالحل المثالي.
في المقابل، قد يكون أفضل ما يمكن فعله في تلك الحالة هو الاستثمار في كوب أو إبريق عازل للبرودة وحافظ للحرارة عالي الجودة يمكنه الحفاظ على مشروباتك ساخنة لأطول فترة ممكنة.
كذلك هناك دوما خيار أن تتناول مشروبك باردا، ما دام لم يمر على برودته أكثر من 4 ساعات. كما يمكنك إضافة بعض المطيّبات ومعززات النكهة مثل القرفة أو الهيل، أو مكعبات الثلج والكريما للاستمتاع بمشروب بارد ومنعش.