المؤسسات اليمنية تصطف مع العليمي لمواجهة تمرد «الانتقالي»

أعلنت مؤسسات الدولة اليمنية، وفي مقدمها مجلس الدفاع الوطني، والحكومة الشرعية، والسلطة المحلية في محافظة حضرموت ووزارة الدفاع وهيئة الأركان، اصطفافها الكامل خلف قرارات رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، الهادفة إلى مواجهة تمرد المجلس الانتقالي الجنوبي، وإنهاء الوجود الإماراتي ضمن تحالف دعم الشرعية، إلى جانب إعلان حالة الطوارئ في عموم البلاد، في ظل تصعيد عسكري غير مسبوق تشهده المحافظات الشرقية.

وجاء هذا الاصطفاف عقب اجتماع موسع لمجلس الدفاع الوطني، ترأسه الرئيس العليمي بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، وضم أعضاء مجلس القيادة، ورؤساء السلطات التشريعية والتنفيذية، وقيادات عسكرية وأمنية، إلى جانب محافظ حضرموت؛ لمناقشة التطورات الخطيرة في محافظتي حضرموت والمهرة، وانعكاساتها على الأمن والاستقرار ووحدة القرار السيادي للدولة.

وكرَّس الاجتماع، وفق بيان رسمي، لاستعراض تقارير ميدانية شاملة حول التحركات العسكرية التي نفَّذتها قوات تابعة للمجلس الانتقالي، وما رافقها من انتهاكات جسيمة بحق المدنيين، شملت الاعتداء على مواقع للقوات المسلحة، والممتلكات العامة والخاصة، وصولاً إلى إغلاق مطار سيئون، في خطوة عدّها المجلس مخالفة صريحة لمرجعيات المرحلة الانتقالية، وعلى رأسها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض، فضلاً عن تقويض جهود التهدئة التي تقودها المملكة العربية السعودية.

مؤسسات الدولة اليمنية أيَّدت قرارات العليمي (سبأ)

وجدَّد مجلس الدفاع الوطني توصيفه لهذه التحركات بَعدّها «تمرداً صريحاً» على مؤسسات الدولة الشرعية، وتقويضاً لوحدة القرار العسكري والأمني، وتهديداً مباشراً للسلم الأهلي، محذراً من أن تداعيات هذا التصعيد تصبّ في مصلحة ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، عبر تفجير الجبهة الداخلية وتشتيت الجهد الوطني في مرحلة بالغة الحساسية.

رفض فرض الأمر الواقع

حسب الإعلام الرسمي، بارك المجلس قرارات العليمي المتضمنة إعلان حالة الطوارئ، وإنهاء الوجود الإماراتي في اليمن، عادَّاً أنها تجسد المسؤوليات الدستورية لقيادة الدولة في حماية المدنيين، وصون مؤسساتها الوطنية ومركزها القانوني، مؤكداً الرفض المطلق لأي محاولات لفرض أمر واقع بالقوة أو استخدام السلاح لتحقيق مكاسب سياسية.

ودعا مجلس الدفاع الوطني دولة الإمارات إلى الالتزام الكامل بنص وروح قرارات القيادة اليمنية، واحترام سيادة البلاد، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، ووقف أي دعم عسكري أو لوجستي لتشكيلات خارج إطار الدولة. وشدَّد على أن ما ورد في بيان قيادة القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية بشأن شحنات سلاح وصلت إلى ميناء المكلا دون تصريح رسمي يمثل تصعيداً خطيراً وانتهاكاً واضحاً لقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة.

عناصر من القوات الانفصالية الجنوبية المدعومة من الإمارات يقفون بجوار مركبة عسكرية في عدن (أرشيفية – رويترز)

وفي الوقت نفسه، جدَّد المجلس التأكيد على أن القضية الجنوبية تظل قضية وطنية عادلة، ذات أبعاد تاريخية واجتماعية، وستبقى في صميم أي تسوية سياسية شاملة، وفق مرجعيات المرحلة الانتقالية، وبما يضمن شراكة حقيقية ومعالجة منصفة للمظالم، وتحقيق تطلعات أبناء المحافظات الجنوبية كافة دون احتكار أو إقصاء.

دعم جهود السعودية

أكد مجلس الدفاع الوطني اليمني دعمه الكامل لجهود الوساطة التي تقودها السعودية لخفض التصعيد، وحماية المدنيين، وإعادة الأوضاع في حضرموت والمهرة إلى ما كانت عليه، مثمّناً الدور السعودي في دعم اليمن وشرعيته الدستورية، والدفاع عن أمنه واستقراره، انطلاقاً من الترابط الوثيق بين أمن البلدين والتحديات المشتركة التي تهدّد أمن المنطقة.

وفي سياق متصل، أعلنت الحكومة اليمنية تأييدها المطلق لقرارات الرئيس العليمي، عادّة إعلان حالة الطوارئ إجراءً دستورياً مشروعاً تفرضه الضرورة الوطنية لمواجهة التمرد المسلح، وحماية السلم الأهلي، ومنع الانزلاق نحو الفوضى وتقويض مؤسسات الدولة.

المجلس الانتقالي الجنوبي يسعى إلى إخضاع حضرموت والمهرة بالقوة والانفصال عن شمال اليمن (رويترز)

ورحَّبت الحكومة اليمنية في بيان بالإجراءات التي اتخذتها قيادة القوات المشتركة، بما في ذلك تنفيذ ضربة جوية محدودة ودقيقة استهدفت دعماً عسكرياً خارجياً غير مشروع في ميناء المكلا؛ بهدف حماية المدنيين ومنع عسكرة المواني والسواحل.

وحذَّرت الحكومة من أن التحركات العسكرية الأحادية للمجلس الانتقالي، وإدخال قوات وأسلحة خارج الأطر الرسمية، تمثل خرقاً أمنياً خطيراً يهدّد وحدة الدولة، ويعطل الإصلاحات الاقتصادية، ويقوّض جهود تحسين الخدمات وتخفيف المعاناة المعيشية عن المواطنين، مؤكدة أن وحدة الصف الوطني باتت اليوم ضرورة عسكرية وسياسية لا تحتمل التأجيل.

بدورها، أعلنت السلطة المحلية في محافظة حضرموت تأييدها الكامل لقرارات القيادة السياسية، واستعدادها للتنسيق مع قوات «درع الوطن» لتسلم المعسكرات والمواقع الحيوية، وضمان انتقال سلس وآمن للمسؤوليات العسكرية، داعيةً أبناء المحافظة والقوات المسلحة والأمن إلى الالتفاف حول القيادة الشرعية؛ حفاظاً على أمن حضرموت واليمن.

تأييد الجيش

في امتداد لاصطفاف مؤسسات الدولة خلف قرارات رئيس مجلس القيادة الرئاسي، أعلنت قيادة وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة تأييدهما الكامل ومباركتهما للقرارات التي أصدرها الرئيس رشاد العليمي، عادَّتين أنها جاءت في «لحظة مفصلية» من تاريخ البلاد، واستجابة لتطلعات الشعب اليمني، وإنفاذاً للواجبات الدستورية والصلاحيات المنصوص عليها في الدستور ومرجعيات المرحلة الانتقالية.

وأكد بيان صادر عن قيادة وزارة الدفاع وهيئة الأركان أن القوات المسلحة بمختلف تشكيلاتها تتمتع بروح معنوية عالية وجاهزية قتالية كاملة، تخولها تنفيذ مهامها الدستورية والوطنية في جميع الظروف، مشدداً على الالتزام التام بتنفيذ القرارات والإجراءات الصادرة عن القيادة العليا، بوصفها التعبير الشرعي عن وحدة القرار السيادي للدولة.

عناصر من مسلحي المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن (رويترز)

وأشارت القيادة العسكرية إلى أن القوات المسلحة ستظل على عهدها في حماية المكتسبات والثوابت الوطنية، والدفاع عن أمن اليمن ووحدته وسيادته، والتصدي للمؤامرات والمشاريع التخريبية كافة التي تستهدف استقرار البلاد والسلم الاجتماعي، مؤكدة أن المؤسسة العسكرية تمثل «القلعة الصلبة» في مواجهة محاولات تقويض الدولة أو فرض وقائع خارج إطارها القانوني.

وجدَّدت وزارة الدفاع وهيئة الأركان دعوتهما لليمنيين بمختلف فئاتهم وانتماءاتهم إلى مساندة القيادة الشرعية، والوقوف صفاً واحداً إلى جانب مؤسسات الدولة والقوات المسلحة، وتعزيز التلاحم الوطني بما يحقق المصلحة العليا للبلاد في هذه المرحلة الحساسة.

كما أكدت القوات المسلحة التزامها الثابت باستكمال معركة استعادة الدولة، وتحرير الأراضي اليمنية من ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، إلى جانب التصدي للجماعات الإرهابية والمخططات التخريبية التي تهدّد أمن الوطن واستقراره.

وثمَّنت القيادة العسكرية عالياً جهود تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية، ودوره في مساندة القوات المسلحة وتطوير قدراتها القتالية، مؤكدة استمرار التنسيق العملياتي بما يخدم المصالح المشتركة، ويدعم مسار استعادة الدولة، وإحلال الأمن والاستقرار في اليمن.

شاركها.
Exit mobile version