العراق: محافظ واسط المستقيل يتهم السوداني بتصفية حسابات انتخابية معه

بعد ساعات من مصادقة رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، على نتائج اللجنة التحقيقية الخاصة بحادث الحريق الذي وقع بمدينة الكوت خلال شهر يوليو (تموز) الماضي، فتح محافظ واسط المستقيل المحال إلى القضاء، محمد جميل المياحي، النار على السوداني، عادّاً أن مصادقته على قرارات اللجنة التحقيقية، التي أحالته مع نحو 17 مسؤولاً إدارياً في المحافظة إلى التحقيق، جاءت بعد رفضه (أي المحافظ) عرضاً للتحالف في الانتخابات المقبلة.

وبينما يفسر كل شيء في العراق الآن على أنه جزء من ترتيبات الاستعداد للحملة الانتخابية التي تنطلق رسمياً بعد شهر من الآن، فإن مصادقة السوداني جاءت، مثلما يرى مقرب منه، «روتينية؛ لأن اللجنة التحقيقية التي كلفت متابعة أمر الحريق الذي أدى إلى وفاة أكثر من 60 شخصاً وجرح المئات، هي التي قررت (إحالة) مسؤولين كبار في المحافظة يتقدمهم المحافظ».

وأضاف المقرب من السوداني لـ«الشرق الأوسط»، طالباً عدم الإشارة إلى اسمه، أنه «من غير المقبول تفسير أي إجراء يتخذه رئيس الوزراء؛ انطلاقاً من مسؤوليته الدستورية والسياسية ومحافظته على المال العام، على أن له علاقة بالانتخابات؛ مما يعني أن الدولة يجب أن تعزل خلال السنة الانتخابية».

وأوضح أن «السوداني لا يريد تسوية القضايا أياً كانت، ومهما كانت الخسائر الناتجة عنها، كي يداري هذا الطرف أو ذاك، وبالتالي فهو مع حسم نتائج أي لجنة تحقيقية، أياً كان المقصرون؛ سواء أكانوا قريبين منه أم لا».

وكان المكتب الإعلامي للسوداني أعلن الأحد أنه «صادق على نتائج اللجنة التحقيقية الخاصة بحادث الحريق الذي وقع في مدينة الكوت؛ مركز محافظة واسط، منتصف تموز (يوليو) الماضي».

وأضاف البيان أن «اللجنة التحقيقية ثبت لديها تقصير عدد من المسؤولين والموظفين في أداء واجباتهم، والسماح لمالك المشروع بالبناء دون الحصول على إجازة بناء، وربط الكهرباء للبناية رغم عدم وجود الموافقات الأصولية، وعدم اتخاذ الإجراءات القانونية والإدارية المطلوبة للحد من الخسائر وحماية أرواح المواطنين… وبناء على ذلك، قرر رئيس الوزراء إحالة كل من: محافظ واسط السابق، ومدير الدفاع المدني في المحافظة، ومديرَي بلدية الكوت السابق والحالي، ومدير توزيع كهرباء واسط، وجميع الموظفين المسؤولين عن رصد التجاوزات وترويج موافقة تزويد البناية بالتيار الكهربائي، إلى القضاء». كما أُوعزَ، وفق البيان، للوزارات المعنية بتشكيل مجالس ولجان تحقيقية وفرض العقوبات الانضباطية بحق المسؤولين المخالفين.

المياحي يفتح النار

وكان اندلع حريق هائل في 16 يوليو 2025 ببناية «هايبر ماركت» في الكوت؛ ما أسفر عن وفاة وإصابة عشرات المواطنين، وأثار موجة من الغضب في الأوساط السياسية والشعبية أجبرت المحافظ، بعد أيام، على تقديم استقالته إلى مجلس المحافظة الذي قبلها وكلف محافظاً آخر بصفة مؤقتة.

محافظ واسط المستقيل محمد جميل المياحي (إكس)

وبشأن استقالته، قال محافظ واسط، محمد جميل المياحي، إنه «إكراماً لدماء الشهداء… ووفاء لهم ولأهالي هذه المحافظة التي خدمتها بعيوني وعرق جبيني، ولم أدخر جهداً بأي لحظة من خدمتي، وبكل فخر، أعلن تقديم استقالتي لمجلس محافظة واسط، وأنه تم قبولها من قبل مجلس المحافظة الموقر».

من جهته، أعلن مجلس محافظة واسط في بيان له أنه جرى «عقد جلسة طارئة بحضور المحافظ لمناقشة تداعيات الحريق المؤلم، وقدّم محمد جميل المياحي استقالته احتراماً لدماء الشهداء، وحرصاً على استقرار المحافظة، وتم قبولها بالأغلبية».

وأضاف: «ولعدم إدخال واسط في فراغ إداري، تم انتخاب هادي مجيد كزار محافظاً بالأغلبية أيضاً».

رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني (إعلام حكومي)

ورد المياحي على نتائج لجنة التحقيق، مؤكداً أن رئيس الحكومة «ساومه» من أجل الدخول في قائمته الانتخابية، وقال في بيان له إن «‏مسيرتنا مع رئيس الوزراء بدأت بالترغيب ومن ثم الترهيب. قدم ما قدم من أجل أن نتحالف ونشارك بقائمته الانتخابية. وبعد أن قررنا ألا ندخل معه، استغل حادثة الحريق في الكوت لتصفية الحسابات، وابتعد كل البعد عن مهنيته».

ودعا المياحي «القضاء العراقي المهني الى أن يتعمق بالتحقيق ويبين المسؤولية المباشرة عن الحادث، ويحاسب المقصر أشد محاسبة، وألا يسمح لأحد بأن يستغل هذا الحادث الجنائي سياسياً وانتخابياً، ويستغل سلطته لتصفية الحسابات».

مبنى المجمع التجاري في الكوت بعد الحريق (متداولة)

وأشار إلى أن «نتائج التحقيق التي أعلنت تمت مصادقتها في 3/ 9 (سبتمبر/ أيلول) من هذا الشهر، وأحيلت للقضاء في وقتها، والآن تنشر مع قرب الانتخابات، وقد مثلنا أمام القضاء وقدمنا كل الأدلة والإجراءات القانونية المتبعة من المحافظة، وقدمنا أجوبة عن إشارة اللجنة أعلاه أن المحافظ يتحمل مسؤولية عدم تجهيز مديرية الدفاع المدني بالآليات والمستلزمات، حيث قامت المحافظة بتجهيز الدفاع المدني بآليات تخصيصية حديثة، وبتوجيه (من) رئيس الوزراء أرسلت إلى سوريا قبل الحادث بيومين؛ ما أدى إلى عدم قدرة الدفاع المدني على السيطرة على الحريق… ومديرية الدفاع المدني، بصفتها مؤسسة أمنية، تتبع القائد العام للقوات المسلحة مباشرة».

شاركها.
Exit mobile version