أكد المهندس محمد الشعلان، الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبد الله الملكية، أن انضمام المحمية رسمياً إلى برنامج الإنسان والمحيط الحيوي (MAB) التابع لـ«اليونيسكو»، يمثل إنجازاً وطنياً يعكس التزام المملكة بحماية بيئاتها الطبيعية، ويعزز مكانتها على الخريطة الدولية في مجالات صون التنوع الأحيائي وتحقيق التنمية المستدامة، انسجاماً مع مستهدفات «رؤية السعودية 2030».

وفي حديثٍ لـ«الشرق الأوسط» أعقب إعلان الهيئة، السبت، عن انضمام المحمية رسمياً إلى برنامج الإنسان والمحيط الحيوي (MAB) التابع لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو)، لتكون بذلك أول محمية ملكية سعودية تحظى بهذا الاعتراف الدولي الرفيع، اعتبر الشعلان هذا الاعتماد الدولي «شهادة موثقة بأن ما نُنفذه في المحمية يسير وفق أرقى المعايير العلمية، ويجسد توازناً فعلياً بين الإنسان والطبيعة، ويؤكد أننا نسير بخطى واثقة نحو تقديم نموذج وطني رائد في إدارة المحميات الملكية»، مضيفاًَ أن تحقيق هذا الاعتراف جاء نتيجة «جهود تراكمية استمرت لسنوات، تم خلالها إعادة توطين 6 أنواع رئيسية من الحيوانات الفطرية، وتسجيل 265 نوعاً من الكائنات و235 نوعاً من النباتات، إلى جانب زراعة أكثر من 775.400 شجرة محلية، مما رفع نسبة الغطاء النباتي إلى 9 في المائة».

وأشار الشعلان إلى أن المحمية طبقت منظومة متقدمة للرصد البيئي باستخدام الأقمار الاصطناعية وكاميرات المراقبة، وأسست نموذجاً فاعلاً في إشراك المجتمع المحلي؛ إذ بلغ عدد المتطوعين أكثر من 4.000 متطوع ساهموا بما يزيد على 56.500 ساعة تطوعية، كما تم تنفيذ 13 برنامجاً تدريبياً متخصّصاً خلال عام واحد. وفيما يتعلق بإدارة وتنظيم الرعي، أوضح أن المحمية نجحت في تطبيق نظام رعي مستدام داخل 30 نطاقاً رعوياً، شمل أكثر من 1.913 تصريحاً، وبلغت الحمولة الرعوية 166.406 رؤوس ماشية، وأسهم النظام في توفير ما يزيد على 31.7 مليون ريال من المصاريف المالية.

وسلط الشعلان الضوء على الأثر الاقتصادي لخلق فرص العمل، مشيراً إلى مساهمة المحمية في توفير أكثر من 2.900 وظيفة مؤقتة وأكثر من 185 وظيفة دائمة، إلى جانب دعم السياحة البيئية وجذب أكثر من 514.000 زائر خلال السنوات الماضية. وتنمويّاً، لفت إلى تميّز موسم النحّالين داخل المحمية، التي تضم أكثر من 141.400 خلية و700 نحّال من أبناء المجتمع المحلي، كمثال ناجح على الدمج بين الاستدامة البيئية والاقتصادية.

وكشف الشعلان أن اعتماد «اليونيسكو» جاء بعد تقييم دقيق وشامل لملف المحمية، مدعوم ببيانات ومؤشرات علمية موثقة، ومبني على عمل مؤسسي متكامل ومخرجات ميدانية فعلية، وهو ما جعل تجربة محمية الإمام تركي تُصنّف كواحدة من أبرز التجارب الملهمة في إدارة المحميات على مستوى المنطقة، منوّهاً بأن هذا الاعتراف الدولي سيكون «منطلقاً لمزيد من المبادرات الطموحة التي تستهدف تعزيز الاستدامة، وتمكين المجتمع، وتقديم نموذج سعودي متكامل في إدارة المحميات، يليق بمكانة المملكة ويخدم أهدافها المستقبلية».

ويُعنى برنامج الإنسان والمحيط الحيوي (MAB)، الذي تأسس عام 1971، بتحقيق الاستدامة في التنوع الأحيائي النباتي والحيواني والتنوع البيئي، من خلال وضع معايير واشتراطات علمية صارمة تطبق على المحميات الطبيعية حول العالم، كما يهدف البرنامج إلى تعزيز جودة التفاعل بين الإنسان وبيئته، ومتابعة التغيرات في المحيط الحيوي الناتجة عن الأنشطة البشرية، والحد من آثارها السلبية.

وجاء هذا الاعتراف الدولي تتويجاً لاستيفاء المحمية لمجموعة من المعايير العالمية التي تشمل الإدارة المستدامة للمناطق ذات القيمة البيئية العالية، ودعم برامج التعليم البيئي، وتمكين المجتمع المحلي من المساهمة في الحماية والتوعية، وابتكار فرص اقتصادية قائمة على موارد المكان، بما يجسد نجاح الجهود الوطنية في المواءمة بين صون النظم البيئية وتحفيز التنمية المجتمعية والاقتصاد المحلي.

شاركها.
Exit mobile version