تستعد بعض الدول العربية للانتقال إلى التوقيت الصيفي لعام 2025، حيث سيتم تقديم الساعة بمقدار 60 دقيقة مع حلول منتصف الليل.
وعادة ما يستمر العمل بالتوقيت الصيفي حتى أواخر شهر أكتوبر/ تشرين الأول، وحينها يتم تأخير الساعة 60 دقيقة مع حلول منتصف الليل، ليعود العمل بالتوقيت الشتوي من جديد.
والأسبوع الماضي، قدم معظم الأميركيين ساعاتهم ساعة واحدة. ربما فقدوا بعض النوم، لكنهم اكتسبوا المزيد من ضوء الشمس مع دخول أيام الصيف الدافئة، بحسب وكالة أسوشييتد برس.
كيف جاءت قصة التوقيت الصيفي؟
تمتد قصة تقديم الساعة في الربيع ثم تأخيره في الخريف لأكثر من قرن مدفوعة بحربين عالميتين، وارتباك جماعي في بعض الأحيان، ورغبة بشرية في الاستمتاع بأشعة الشمس لأطول فترة ممكنة.
وفيما أثير الكثير من الجدل بشأن هذه الممارسة، فإن نحو 70 دولة -أي نحو 40% من دول العالم- تستخدم حاليًا ما يسميه الأميركيون التوقيت الصيفي.
وفي حين أن تقديم الساعة يُحدث نوعًا من الاضطراب في روتيننا، فإن ضوء النهار الإضافي يدفع الناس إلى الخروج وممارسة الرياضة والاستمتاع، كما تقول آن باكل، محررة الموقع الإلكتروني timeanddate.com، الذي يقدم معلومات عن الوقت والمناطق الزمنية وعلم الفلك.
وتضيف: “الميزة الرائعة حقًا هي الأمسيات المشرقة، أليس كذلك؟.. بل هي في الواقع ساعات من ضوء النهار بعد عودتك من العمل لقضاء الوقت مع عائلتك أو ممارسة أنشطتك. وهذا رائع”.
كيف بدأت قصة “التوقيت الصيفي”؟
في تسعينيات القرن التاسع عشر، اقترح جورج فيرنون هدسون، عالم الفلك وعالم الحشرات في نيوزيلندا، تغيير التوقيت في الربيع والخريف لزيادة فترات الإفادة من ضوء النهار.
وفي أوائل القرن العشرين، بذل ويليام ويليت، وهو عامل بناء بريطاني، جهودًا مماثلة، إذ شعر بالقلق من عدم استيقاظ الناس للاستمتاع بأشعة الشمس الصباحية. لكن أيًا من الاقتراحين لم يحظَ بقبول كافٍ لتطبيقه.
غير أن ألمانيا بدأت باستخدام التوقيت الصيفي خلال الحرب العالمية الأولى، اعتقادًا منها أنه سيوفر الطاقة، وسرعان ما حذت حذوها دول أخرى، بما فيها الولايات المتحدة.
تمتد قصة تقديم الساعة في الربيع ثم تأخيرها في الخريف لأكثر من قرن – غيتي
وخلال الحرب العالمية الثانية، أعادت الولايات المتحدة تطبيق ما أُطلق عليه “توقيت الحرب” على مستوى البلاد، وهذه المرة على مدار العام.
وبعد الحرب العالمية الثانية، برزت أنماط مُختلفة من ضبط الوقت في جميع أنحاء الولايات المتحدة، حيث التزمت بعض المناطق بالتوقيت الصيفي، بينما تخلت عنه مناطق أخرى.
وفي هذا الإطار، يقول ديفيد بريرو، مؤلف كتاب “اغتنم ضوء النهار: القصة الغريبة والمثيرة للجدل بشأن التوقيت الصيفي”: “قد يكون هناك مدينة تُطبّق التوقيت الصيفي، وقد تطبقه المدينة المجاورة، لكنه يبدأ وينتهي في تواريخ مختلفة، وقد لا تطبقه المدينة المجاورة الثالثة إطلاقًا”.
في عام 1966، أقرّ الكونغرس الأميركي قانون التوقيت الموحد، الذي ينص على أن الولايات يُمكنها تطبيق التوقيت الصيفي أو عدم تطبيقه، ولكن يجب أن يكون على مستوى الولاية. وينص القانون أيضًا على اليوم الذي يبدأ فيه وينتهي التوقيت الصيفي في جميع أنحاء البلاد.
وفي الولايات المتحدة اليوم، تطبق جميع الولايات باستثناء هاواي وأريزونا التوقيت الصيفي.
ولم يكن الارتباك بشأن تغيير التوقيت مجرد أمرٍ من الماضي. ففي لبنان، في ربيع العام الماضي، سادت حالة من الفوضى عندما أعلنت الحكومة في اللحظة الأخيرة قرارًا بتأجيل بدء العمل بالتوقيت الصيفي لمدة شهر – حتى نهاية شهر رمضان المبارك.
والتزمت حينها بعض المؤسسات بهذا القرار، بينما رفضته مؤسسات أخرى، وفي غضون أيام، تم التراجع عن القرار.
يقول باكل: “لقد تحول الأمر إلى فوضى عارمة، حيث لم يكن أحد يعرف الوقت”.
كيف سيكون الحال لو لم نغيّر التوقيت؟
يؤدي تغيير التوقيت مرتين سنويًا إلى الكثير من التذمر، وكثيرًا ما تظهر دعوات لاستخدام التوقيت القياسي “Standard time” طوال العام، أو الالتزام بالتوقيت الصيفي طوال العام.
خلال أزمة الطاقة في سبعينيات القرن الماضي، بدأت الولايات المتحدة العمل بالتوقيت الصيفي طوال العام، ولم يُعجب ذلك الأميركيون.
فمع عدم شروق الشمس في بعض المناطق شتاء إلا نحو الساعة التاسعة صباحًا أو حتى بعد ذلك، كان الناس يستيقظون في الظلام، ويذهبون إلى أعمالهم في الظلام، ويُرسلون أطفالهم إلى المدارس في الظلام، كما يقول بريرو.
ويضيف بريرو: “سرعان ما أصبح هذا التوقيت غير مرغوب فيه للغاية”.
ويشير إلى أن استخدام التوقيت القياسي طوال العام يعني فقدان تلك الساعة الإضافية من ضوء النهار لمدة ثمانية أشهر في المساء في الولايات المتحدة.