كشف رئيس جهاز المخابرات الخارجية الإسرائيلية (الموساد) ديفيد برنيع، اليوم الثلاثاء، عن إدخال أول 500 جهاز نداء لاسلكي من نوع “بيجر” إلى لبنان قبل أسابيع من أحداث 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وفي 17 سبتمبر/ أيلول الماضي فجّرت إسرائيل أجهزة بيجر كان يحملها عناصر من “حزب الله”، وفي اليوم التالي فجّرت أجهزة من نوع “آيكوم”، ما قتل إجمالًا 37 شخصًا وأصاب 2931 بجروح.
“نقطة تحول”
وقدَّم برنيع، في كلمة بجامعة رايخمان في هرتسليا الإسرائيلية، تفاصيل عن عملية تفجير أجهزة “بيجر” في سبتمبر 2024، التي كان يحملها عناصر في “حزب الله”، وفق صحيفة “معاريف” العبرية.
واعتبر برنيع أن “عملية بيجر شكلت نقطة تحول في الحرب في الشمال (لبنان)، إذ تلقى “حزب الله” ضربة حطمت روحه، وقد احتوت آلاف الأجهزة (بيجر) على مواد متفجرة أقل من تلك الموجودة في اللغم”.
وأضاف أن “الشحنة الأولى، والتي كانت تحتوي على 500 جهاز بيجر، وصلت إلى لبنان قبل أسابيع معدودة من 7 أكتوبر”، على حد قوله.
وفي ذلك اليوم، هاجمت “حماس” 22 مستوطنة و11 قاعدة عسكرية بمحاذاة قطاع غزة، فقتلت وأسرت إسرائيليين؛ ردًا على “جرائم الاحتلال الإسرائيلي اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى”، حسب الحركة.
وارتكبت إسرائيل بدعم أميركي، بين 7 أكتوبر 2023 و19 يناير/ كانون الثاني 2025، إبادة جماعية في غزة، أسفرت عن أكثر من 160 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.
الموساد يتباهى
واعتبر برنيع أن “تنفيذ عمليتي التفجير (بيجر وآيكوم) لو حدث في بداية الحرب لم يكن ليؤدي إلى الإنجاز العظيم الذي حققناه”، وفق تقديره، وبرر ذلك بأنه “تم تفجير عدد من أجهزة “بيجر” يفوق بعشرة أضعاف ما كان لدى حزب الله في بداية الحرب، وتفجير عدد أجهزة آيكوم يفوق ضعف ما كان لديه في بداية الحرب”، على حد قوله.
تفجيرات البيجرز تسببت باصابة الاف من كوادر حزب الله-غيتي
و”تضامنًا مع غزة” بدأ حزب الله في 8 أكتوبر 2023 قصفًا متبادلًا مع إسرائيل عبر الحدود، حولته تل أبيب في 23 سبتمبر الماضي إلى حرب واسعة مدمرة على لبنان.
وخلّف العدوان الإسرائيلي على لبنان ما لا يقل عن 4 آلاف و104 شهداء و16 ألفًا و890 جريحًا، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، إضافة إلى نزوح نحو مليون و400 ألف شخص.
التفجيرات سبقت اغتيال نصر الله
ووقعت تفجيرات البيجر قبل اغتيال إسرائيل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله بنحو أسبوع، والأحد الماضي شيّع مئات الآلاف من اللبنانيين نصر الله بعد ما يقرب من خمسة أشهر على اغتياله في غارة جوية إسرائيلية.
وقالت مصادر أمنية إن أكثر من مليون شخص شاركوا في مراسم التشييع، وملأ أنصار حزب الله ملعب مدينة كميل شمعون الرياضية بالضاحية الجنوبية في بيروت، والذي يضم 55 ألف مقعد. وقال منظمون إن المدرجات والمقاعد التي أضيفت في باحة الملعب وتتسع لأكثر من 78 ألفًا قد امتلأت تمامًا.
ورُفعت على المنصة صورة عملاقة لنصر الله وهاشم صفي الدين رئيس الهيئة التنفيذية لحزب الله الذي أعلنته الجماعة أمينًا عامًا خلفًا لنصر الله لكنه اُغتيل في الثالث من أكتوبر في الضاحية الجنوبية.
وكان اغتيال نصر الله، الذي قاد الجماعة عبر عقود من الصراع مع إسرائيل وأشرف على تحولها إلى قوة عسكرية ذات نفوذ إقليمي، من بين أولى الضربات العنيفة خلال تصعيد إسرائيلي أضعف الجماعة بشدة، لكن الأمين العام الحالي للجماعة نعيم قاسم، الذي بُثت كلمته المسجلة مسبقًا من مكان غير معلوم للمشيعين عبر شاشات، قال إن حزب الله ما زال قويًا، وشدد على أن “الحشد اليوم هو تعبير عن الوفاء الذي قلّ نظيره في تاريخ لبنان”.
وقال قاسم: “المقاومة موجودة وقوية عددًا وعدة. لا تفسروا صبرنا ضعفًا، فنحن لن نقبل بالاحتلال ونحن نتفرج. المقاومة باقية ومستمرة وموجودة وفلسطين بوصلتنا”. وأضاف: “سنمارس عملنا في المقاومة نصبر أو نُطلق متى نرى مناسبا، ولن تأخذوا بالسياسة ما لم تأخذوه بالحرب، ولن نقبل باستمرار قتلنا”.
واعتبر قاسم أن الموافقة على وقف إطلاق النار في لحظة مناسبة كانت نقطة قوة.
وتابع: “أصبحنا الآن في مرحلة جديدة تختلف أدواتها وكيفية التعامل معها”، لافتًا إلى أن “أبرز خطوة اتخذناها أن تتحمل الدولة اللبنانية مسؤولياتها”.