لا يكاد أبو سعيد، اللاجئ الفلسطيني الأقدم في مخيم اليرموك، يذكر عدد الزعماء الذين عاصرهم في سوريا منذ الاستقلال، لكنه لا ينسى مطلقًا أن فلسطين تحولت في عهد حزب البعث من وطن إلى فرع أمني يحمل اسم “فرع فلسطين”، ومن أرض محتلة إلى أسوار ممتدة.
وتعرض المعتقلون في “فرع فلسطين” لأنواع مختلفة من التعذيب لفترة طويلة، ولم يتمكنوا من الاتصال بأهاليهم.
وقد أظهرت السجلات أن آلاف الأشخاص كانوا محتجزين في ظروف غير إنسانية في عشرات الزنازين، وهو ما يعكس وحشية نظام عائلة الأسد.
وفي حديث للتلفزيون العربي، يقول أبو سعيد: إن “فرع فلسطين هو عبارة عن فرع أمني ليس له علاقة باسم فلسطين”.
وأوضح اللاجئ الفلسطيني أن “الغاية منه الحصول على أكبر كمية من المعلومات عن الشعب في الداخل والخارج”.
فرع فلسطين
تأسس الفرع 235 المعروف بفرع فلسطين في ستينيات القرن الماضي جنوبي دمشق، حيث كان مهتمًا أولًا بمتابعة شؤون اللاجئين في البلاد، لكنه تحوّل لاحقًا إلى مقر للموت وتعذيب المعتقلين.
وحتى بعد أن خرج أبو صالح وأسرته من فرع فلسطين، ما زالت العائلة أسيرة لتلك المرحلة الصعبة، تتجرع مرارة الشمل الذي التأم في فلسطين المعتقل، وليس الوطن.
تأسس فرع فلسطين في ستينيات القرن الماضي جنوبي دمشق – غيتي
وبينما اتخذ نظام البعث شعار “أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة”، فقد جسده داخل الفرع 235 حيث لم تفرق الزنازين بين سوري وفلسطيني.
ضياء عمير القابلة القانونية. عرفت نوعًا جديدًا من عمليات الإنجاب في فرع فلسطين، حيث تحوّلت الولادة من قيصرية إلى قسرية.
وتقول المعتقلة السورية السابقة في فرع فلسطين ضياء عمير: إنها “ولّدت إحدى السجينات وهي مقيدة”، مشيرة إلى أن السجان حينها ظل واقفًا يراقب عملية الولادة كاملة.
وأضافت أنها حاولت تغطية السجينة، لكن السجان ظل يضربها، بهدف رؤية ما يحصل.
ومع سقوط نظام الأسد، سقط فرع فلسطين ولم تسقط آثار الرعب والخوف من نفوس القوم، وأسوأ ما في الأمر أن اللاجئين عذبوا باسم قضيتهم.
فلا علاقة بين فلسطين الفرع وفلسطين الأصل، وكأن النظام السابق في سوريا أراد للتعذيب وكالة حصرية بماركة قومية، حيث انتقل السجن من عهد الأب إلى عهدة الابن باسم لم يكن يومًا على مسمى، بحسب مراسل التلفزيون العربي مراد البطوش.